يستضيف اتحاد مصارف الإمارات هذا الأسبوع أول مؤتمر خاص بأعضائه من المصارف العاملة في الدولة، إلى جانب أكثر من 200 ضيف مدعوين من المجتمع المصرفي الإقليمي والدولي. ويأتي هذا المؤتمر في ذروة نشاط الأعمال والفعاليات في الدولة ليمثل علامة فارقة في مسيرة المصارف العاملة في الدولة.
تُعدّ المصارف عنصراً محورياً في اقتصاد كافة الدول. وعلى الرغم من أن هنالك ما يقارب الـ 34 ألف موظف يعملون في مصارف الدولة ، إلا أنهم يمثلون ما نسبته 1% فقط من إجمالي القوى العاملة في دولة الإمارات، ومع ذلك يسهم هذا القطاع بأكثر من 10% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، أي أن كل وظيفة في القطاع المصرفي تسهم في خلق ما يتراوح بين وظيفتين إلى ثلاث وظائف في قطاعات أخرى. هذا وقد استحوذ نظام القطاع المصرفي الاماراتي ودائع عملاء بلغت حوالي 341 مليار دولار أمريكي خلال النصف الأول من العام الجاري وكذلك قروضاً (صافية بعد استثناء الاحتياطي والفوائد المعلقة) بقيمة 316 مليار دولار أمريكي للأفراد والشركات والمؤسسات المختلفة .
وإضافة إلى ذلك، ارتفعت أصول المصارف بالدولة منذ العام 1997 إلى أكثر من عشرة أضعاف ليغدو القطاع المصرفي في دولة الإمارات الأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، يمكننا وبكل فخر أن نطلق على الدولة لقب المركز المالي للمنطقة.
ومن هنا، نرى أن الوقت مناسب لإطلاق أول ملتقى خاص باتحاد مصارف الإمارات، وأنه من الضروري أن تحظى مصارف الدولة بمنبر يجمعهم للاتفاق على السياسات ومناقشة كافة المواضيع ذات الاهتمام المشترك. وتعتبر "وثيقة السلوك المصرفي" الجديدة بمثابة دلالة واضحة على رغبة مصارف الدولة للارتقاء بمستوى القطاع ككل، بما يعود بالفائدة على العملاء والمصارف واقتصاد الدولة.
إذاً، ما هي أهمية اجتماعنا هذا؟ تتبوأ دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة المركز الثاني عشر على مستوى العالم من حيث حجم الاقتصاد، وتعتبر دولة الإمارات ثاني أكبر اقتصاد بين دول مجلس التعاون. وعلى الرغم من أن تأثير الأزمة العالمية كان محدوداً في المنطقة، بفضل الخطوات الحكيمة التي اتخذها مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي والمصارف المركزية الأخرى في المنطقة، إلا أن هنالك ثمة تحديات يتوجب علينا مواجهتها، ويتوجب علينا استقاء العبر من الأزمة المالية، وأن نخطط بحذر للمرحلة المقبلة من النمو كي نضمن استدامتها.
وبلا شك، فأن مستقبلنا يتمحور إلى حد ما حول النفط والغاز، ولكن دولة الإمارات وغيرها من دول المنطقة قد بدأت تحرز تقدماً ملموساً في تنويع مصادر دخلها وإيجاد الفرص في قطاعات وصناعات جديدة، بالإضافة إلى إيجاد مصادر أخرى للدخل. فعلى سبيل المثال، تمثل القطاعات غير النفطية الآن أكثر من 65% من إجمالي الناتج المحلي للدولة. وبالتالي، يسهم ذلك في جعل دولة الإمارات والدول المجاورة، أرضاً خصبة بالنسبة للمصارف، حيث أصبحت كل من السياحة والمواصلات والصناعة وتجارة التجزئة والخدمات والقطاع العقاري محركات دافعة لنمو الاقتصاد، وهي بحاجة إلى دعم القطاع المصرفي لتنجح وتزدهر.
في العام 2020 ، من المتوقع أن يبلغ حجم اقتصاديات دول مجلس التعاون حوالي تريليوني دولار، وأن توفر 25% من إجمالي إمدادات النفط العالمية، ومن المتوقع أن يصل عدد السياح الزائرين للمنطقة إلى 64 مليون سائح سنوياً، وأن تصل قيمة المشاريع المزمع تنفيذها لتحديث نظم المواصلات في المنطقة إلى ما يقارب 15 مليار دولار. لذا، يُعدّ هذا الملتقى المصرفي لحظة مهمة بالنسبة لكبار اللاعبين في دولة الإمارات ومصارف المنطقة، للتباحث في الخطوات المقبلة، وتحديد التحديات التي من المرجح أن نواجهها في المستقبل.
وسنقوم بمناقشة الدور الذي تلعبه المصارف في أعقاب الربيع العربي، وكيف أنه بوسع دولة الإمارات العربية المتحدة أن تعزز مكانتها كمركز مالي لقطاع الصيرفة التقليدية والإسلامية، وكعاصمة للاقتصاد العالمي الإسلامي. كما سننظر في كيفية تحسين آلية إيصال الخدمات المصرفية للأفراد للطبقة المتوسطة المتنامية في المجتمع وكافة أطياف المجتمع حيثما تقتضي الحاجة. ونأمل أن يسهم الملتقى في إضافة قيمة نوعية للمصارف الأعضاء والضيوف من خلال المناقشات الحية والغنية حول المواضيع أعلاه .
يشغل معالي عبدالعزيز الغرير منصب رئيس اتحاد مصارف الإمارات. كما يشغل أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لبنك المشرق، ورئيس مجلس إدارة سلطة مركز دبي المالي العالمي.