كلمة ترحيبية: معالي عبدالعزيز الغرير، رئيس اتحاد مصارف الإمارات 14 نوفمبر 2016، الساعة 9:10 صباحاً في فندق سانت ريجيس، كورنيش أبوظبي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
معالي مبارك راشد خميس المنصوري، محافظ مصرف الإمارات المركزي،
أصحاب السعادة، الزملاء الأعزّاء، سيداتي وسادتي. أرحب بكم جميعاً في دورة هذا العام من الملتقى المصرفي في منطقة الشرق الأوسط.
يُقام الملتقى تحت عنوان "تطوير التجربة المصرفية للعملاء"، ويرتبط بشكل وثيق مع البيئة سريعة التغيُّر التي تواجهها البنوك حالياً حول العالم.
ففي الوقت الذي تحاول فيه البنوك حماية أعمالها مننمو السريع الذي تشهده شركات تكنولوجيا الخدمات المالية وغيرها من المنافسين الذين لا يخضعون للأطر التنظيمية في القطاع من جهة، ازدادت التحديات التي تواجه البيئة التنظيمية من جهة أخرى، وارتفعت متطلبات السيولة ورأس المال بشكل كبير بعد تطبيق مقررات اتفاق بازل 3. وبالإضافة إلى ذلك، ساهم المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم 9 (IFRS)، وأنظمة مكافحة غسيل الأموال، وقانون الامتثال الضريبي للحسابات الخارجية (FATCA)، في رفع كلفة العمليات التشغيلية في البنوك.
ولا يتوجب على البنوك الالتزام بالقوانين المحلية فحسب، وإنما أيضاً بالضوابط التنظيمية الدولية، حيث أن المعاملات المصرفية لا تنحصر بالتعاملات الداخلية فقط بل معظمها متصل بمعظم دول العالم كذلك.
إن التطور السريع للتكنولوجيا، وخصوصاً في استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الآلية في مجال الاعمال، خلق ثورة في سبل تفاعل العملاء مع نقاط التواصل والاتصالفي المصارف. ويقوم العملاء اليوم بمقارنة تجربة حصولهم علىالمنتجات والخدمات المطلوبةبين مختلف مزودي الخدمة في القطاع، وهذا في حد ذاته يضع البنوك تحت ضغط كبير للاستمرار بمقارنة ومقياس مستوى جودة خدماتهم وتجربة عملاءهم مع القطاعات الأخرى.
وفي وسط كل هذا، يتوجب على القطاع المالي أن يكون مستعداً لتغيرات جذرية متوقعة، حيث ستعمل التكنولوجيا المتطورة على تمكين مبتكري العصر الجديد من التوصل إلى أفكار من شأنها أن تُحدث تغييرات يتأثر فيها القطاع بأكمله. فقد شاهدنا الثورة التي أحدثها كل من "أوبر" و موقع "إيربي أن بي"وموقع "أمازون"في مجالهم. وسيكون الهاجس الذي يشغل القطاع المصرفي هو تقديم تجربة مميزة للعملاء بتكلفة أقل.
وتستخدم البنوك عادةًقنوات مختلفة للتفاعلوالاتصال عملائها، مثل الفروع والخدمات المصرفية عبر الهاتف، والخدمات المصرفية عبر الإنترنت، والمبيعات المباشرة وغيرها، ولكل طريقة معايير خدمة محددة خاصة بها. وبالمضي قُدماً، سيتوجب على البنوك استخدام نهج متعدد القنوات يتيح للعملاء فرصة اختيار القناة التي تناسبهم، بحيث تكون نوعية الاتصال والتفاعل عالية الجودة وعملية إنجاز الخدمة سهلة وملائمة،مهما اختلفت من واحدة لأخرى. وفي حال اختار العميل أكثر من وسيلة أو قناة إتصال، فيجب أن تكون تجربته على نفس المستوى من السهولة والسلاسة، سيما أن التكامل وتوفير نفس مستوى الخدمة عبر كافة القنوات المتاحة سيساهم في الارتقاء بتجربة وخدمة العملاء".
ولا تقتصر تجربة العملاء فقط على كفاءة وجودة المنتج أوتوفير الخدمة، ولكن أيضاً على الشفافية والالتزام بأخلاقيات العمل في جميع تعاملاتنا مع عملائنا وفي تأمين مصالحهم. وقد تأثر القطاع البنوك ببعض قضايا التضليل أو عدم الشفافيةفي المبيعات وإعطاء المعلومات للعملاء، وذلك بهدف تحقيق مكاسب غير مستحقة، وذلك أدى الى فرض غرامات على عدد من البنوك العالمية لتعاملاتها خارج نطاق أخلاقيات العمل أو لافتقارها لشفافية التعامل مع العملاء. ويتوجب على قطاع البنوك والمصارف معالجة هذه المشكلة وأخذها بعين الاعتباروتثقيف الموظفين بمخاطرها وتدريبهم على نطاق أوسع ومستمر، للتأكيد بأن السلوك الصحيح والجيد يستحق المكافأة دائماً. ويعمل اتحاد مصارف الإمارات على شتى الأصعدة ومع كافة المصارف الاعضاء لضمان الشفافية والبيع ضمن أخلاقيات العمل باعتبارها للقيم جوهرية تمثل ممارساتنا الاخلاقية في العمل.
كما نسعى دائماً إلى تنفيذ العديد من الحلول التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة لزيادة نطاق تواجدنا، ولمساعدتنا على جعل عملياتنا أكثر كفاءة. ونواجه اليوم تحدياً كبيراً، يواجهنا أكثر من أي وقت مضى، فيما يتعلق بالجرائم السيبرانية، ويتحتم علينا مكافحته والتغلب عليه إذا ما أردنا المحافظة على ثقة عملائنا وحاجتهم إلى الأمان والخصوصية.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة.
لعلنا أصبحنا نشهد تغييراً في مفهوم ما نحن عليه أكثر مما يراه غيرنا. وقد أظهرت الدراسات أن العملاء من جيل الألفية، الذين يعدّون الفئة التي تتنافس البنوك على استقطابها اليوم، يثقون بتطبيقات الهاتف المتحرك أكثر من المستشارين الماليين. ومن الواضح أن هذه الثقة لا تستند إلى جوهر الخدمات بقدر ما تعتمد على مدى توفرها وسهولة الحصول عليها.
هذا هو العصر الجديد الذي نعيش فيه، إنه ليس المستقبل، وإنما الحاضر. وكما باتت الصحافة اليوم في متناول الجميع بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، فإن استخدام التكنولوجيا اليوم يعكس أسلوب حياة العملاء، والطريقة التي تناسبهم في تعاملهم مع بنوكهم. وذلك هوما يجري وليس العكس. لقد أُعيدت صياغة القواعد التي تم إنشاؤها بحسب طلب العملاء لتوفرهالهم البنوك، وعلينا الاستجابة دوماً لهذه التغييرات ومواكبتها.
إن اتحاد مصارف الإمارات على دراية تامة بهذه الظاهرات، ويساعد البنوك الأعضاء باستمرار على الارتقاء إلى مستوى التحدي من خلال 17 لجنة متخصصة. وركزنا بشكل أكبر على قضايا محددة واجهتنا خلال هذا العام، ولا يقتصر الأمر علىمساندة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث ساهمت "آلية العمل" (Modus Operandi)التي أطلقناها في تمكين أكثر من 1700 شركة خلال الأشهر الثمانية الأولى على تحقيق معالجة مشاكلها المالية وإعادة ترتيب ديونهاللاستمرارها في عملها. ونحن نتطلع إلى عام آخر من التعاون والتقدم والنجاح.
شكراً لكم مرة أخرى، أُثمن حضوركم للملتقى وأتمنى لكم يوماً ممتعاً ومثمراً.