اسمحوا لي بداية، أن أرحب بكم جميعاً في النسخة الثالثة من الملتقى المصرفي في منطقة الشرق الأوسط والذي يستضيفه اتحاد مصارف الإمارات.
ويطيب لي الترحيب بشكل خاص بمعالي مبارك راشد خميس المنصوري، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، والسيد أنطوني براون، الرئيس التنفيذي لـ"جمعية المصرفيين البريطانيين "، وكذلك المتحدث الرئيسي في الملتقى، السيد سكوت بيلز، مدير عام شركة «إنوفيشن لابز آسيا»(Innovation Labs Asia) والتي تتخذ من سنغافورة مقراً لها، ورئيس قسم الابتكار في مصرف "نيكست بنك" في سنغافورة (Next Bank of Singapore)، كما أشكر جميع المتحدثين على مشاركتهم مساهمتهم في هذا الملتقى.
ومن دواعي السرور أيضاً أن نشهد مشاركة عدد كبير من الرؤساء التنفيذيين وكبار المسؤولين من مختلف المصارف والمؤسسات المالية المحلية والإقليمية، الأمر الذي يجعل هذا الحدث واحداً من أكثر الفعاليات تمثيلاً للقطاع المصرفي الإقليمي.
تأتي دورة الملتقى هذا العام تحت شعار "البنوك قادة الابتكار". وليس من قبيل الصدفة أن يشكل هذا الشعار امتداداً لمفهوم دورة العام الماضي التي حملت شعار "الإبداع والابتكار في القطاع المصرفي"،لاسيما في ظل التطور التكنولوجي المتسارع والتأثير الكبير للعالم الرقمي على القطاع ، فرغبتنا وقدرتنا على الابتكار كقطاع، مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لاستمراريتنا كمصارف، وضمان مستقبل سليم للعملاء من أفراد وشركات ومؤسسات.
أيها السادة،
للابتكار أشكال عديدة، وتنبع أهميته من كونه يساعد الشركات على تعزيز كفاءتها ودخول مجالات جديدة. وصحيح أن الابتكار ينطوي دائماً على الكثير من التحديات، اذ أنه من الضروري أن تكون هذه التحديات محطّ ترحيب، لأنها تشكل بحد ذاتها محفزاً للتطور في عالمنا المعاصر.
واستناداً إلى أحدث نتائج "مؤشر الابتكار العالمي"، أفادت "جامعة كورنيل" بالتعاون مع "المنظمة العالمية للملكية الفكرية" و"كلية إنسياد لإدارة الأعمال"، بأن النمو القائم على الابتكار لم يعد امتيازاً للدول ذات الدخل المرتفع وحدها، فهناك الكثير من الدول النامية التي تتبنى سياسات ابتكار حقيقية. والعديد من دول الدخل المنخفض والمتوسط لم تكن على خارطة الابتكار قبل عقدٍ من الزمن، وها هي الآن تحتل موقعاً متنامياً في ساحة الابتكار العالمية، وتجاربها تقدم مثالاً يُمكن أن تحتذي به بلدان أخرى، الأمر الذي سيساهم في اتساع رقعة الابتكار في العالم.
وإذا ما دلّت هذه النتائج على شيء، فإنها تدلّ على أن العالم في المستقبل سيكون مختلفاً إلى حد كبير عمّا هو عليه اليوم، والمستقبل الذي نتحدث عنه بات على الأبواب.
هذا الواقع له صلة مباشرة بنا نحن في دولة الإمارات والمنطقة، فلقد تبنّت دولتنا استراتيجية خاصة بالابتكار، ودعت القطاعين الخاص والعام إلى اعتمادها وتطبيقها في جميع ممارساتهما. وبما أننا نشهد اليوم عام الابتكار في دولة الإمارات، فإن القطاع المصرفي معنيٌ بإظهار قدرته على دعم تلك الاستراتيجية والرؤية الطموحة. لقد خضنا هذا التحدي بإطلاق العديد من المبادرات مثل مشروع "المحفظة الذكية"، إضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلول التقنية المتطورة التي تُطبقها المصارف في الدولة يومياً.
ويتلخص الهدف من كل ذلك، في الارتقاء بكفاءة الخدمات وتلبية متطلبات عملائنا على أكمل وجه، وكذلك دفع عجلة نمو الأعمال، وبالتالي المساهمة في مسيرة التقدم والنجاح والاستقرار لمصلحة المجتمع والوطن.
قد يكون ذلك من بديهيات الكلام، ولكن مغزاه قد يتجاوز المفهوم التقليدي في ظروف اقتصادية تنطوي على العديد من التحديات كالتي نشهدها اليوم.
لقد سُررنا بالنتائج الإيجابية للاستطلاع المستقل حول ثقة العملاء بالقطاع المصرفي الإماراتي ، قياساً بالأسواق الدولية الأخرى. ومع ذلك أظهر الاستطلاع أنه لا ينبغي لنا أن نعتبر ثقة العملاء أمراً بديهياً، بل علينا أن ندرك أن هناك أعمالاً كثيرة أخرى يجب القيام بها كي نضمن أن تكون خدماتنا قادرة على تلبية احتياجات العملاء المتجددة بتكاليف عادلة وشفافية.
هنا، أيها السادة، تبرز أهمية الابتكار. فمن خلاله نستطيع أن نحقق كل ذلك من دون أي شك.
وختاماً،لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل والتقدير الكبير إلى مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي على توجيهاته ودعمه القيّم والمتواصل.
أشكركم مرة ثانية على حضوركم وأتمنى لكم مؤتمراً حافلاً بالأفكار النيّرة والنقاشات القيّمة.