يرتبط الشمول المالي بشكل وثيق بمستوى الدخل، حيث يحظى أغنى 20% من البالغين في البلدان الواعدة بفرصة مضاعفة لإنشاء حسابات مصرفية مقارنة بأفقر 20%، بحسب تقارير صادرة عن "البنك الدولي".
إلا أن شمول السكان الأشد فقراً في الخدمات المالية قد يتأتى عليهم بفوائد أكبر من تلك للفئات الأغنى. فخدمات الادخار قد تعود على الأفراد بفوائد أكثر من كونها مجرد زيادة مدخرات، فهي تسهم في تمكين المرأة وزيادة الأستثمار وبالتالي الأستهلاك مما يؤدي الى رفع مستوى الانتاجية والدخل وبالتالي التأثير الأيجابي على مستويات الانفاق في الخدمات الصحية.
ورغم أن عدم الشمول المالي لا يمثل مشكلة شائعة في دولة الإمارات، إلا أنه ينتشر في منطقة الشرق الأوسط بشكل اكبر من باقي أنحاء العالم. ففي دولة الإمارات، يُنظر إلى الموضوع على أنه يرتبط بالوعي المالي ، وتنظر الحكومة إلى كلا الموضوعين كمجالين بحاجة إلى التحسين في آن معاً. وبالطبع، يرتبط الموضوعان ارتباطاً وثيقاً بمعرفة كيفية استخدام الأموال وإدارتها بالشكل الأفضل .
والجدير بالذكر، انه يصعب على المقيمين في دولة الإمارات عدم استخدام الخدمات المالية مقارنة بأنحاء أخرى من العالم، فينبغي على كافة قاطني الدولة أن يكونوا مسجلين رسمياً ولديهم موافقات حسب الأصول. أما في بعض البلدان الأخرى، قد تواجه الحكومات صعوبة أكبر في معرفة هوية جميع السكان ودوافع إقامتهم.
كما تضم دولة الإمارات عدداً مرتفعاً نسبياً من المصارف والفروع مقارنة مع بلدان أخرى في المنطقة، مما يعني أن الشبكة المصرفية التي تتيح للناس الحصول على الخدمات المالية تتميز بكثافة أعلى نسبياً بالمقارنة مع غيرها من المناطق.
واذا استعرضنا بعض الارقام والاحصائيات المهمة حول الشمول المالي في العالم، نرى بأن عدد غير المستفيدين من الخدمات المصرفية يبلغ حوالي ملياري نسمة وبنسبة 40% من سكان العالم البالغين. إلا أن ذلك ليس اختيارهم، فغالباً ما يعود عدم فتح حسابات مصرفية إلى فقرهم أو تفادي دفع مصاريف إضافية قد تترتب على ذلك أو عدم الرغبة في قطع مسافات للوصول للخدمات المصرفية أو بسبب أي شروط أخرى متعلقة بذلك.
بيد أنه حوالي 62% من سكان العالم البالغين يوجد لديهم حسابات مصرفية بشكل أو بآخر، حيث يقدر عددهم حوالي 700 مليون نسمة ما بين عامي 2011 و2014.
وإذا حاولنا مقارنة إحصائيات الشمول المالي بين منطقة الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم، سنجد بداية ان منطقة الشرق الأوسط متأخرة عن مناطق أخرى من العالم، إذ تبلغ النسبة على المستوى الإقليمي أقل من 20% بينما تصل في أوروبا وآسيا الوسطى إلى حوالي 50% في حين ترتفع هذه النسبة في شرق آسيا والمحيط الهادئ إلى 70% تقريباً. وبدورها، تسجل الدول الأعضاء في "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" نسبة تزيد عن 95%. ونظراً لتوفر أكثر من 11 فرعاً لكل 100 ألف بالغ، تأتي دولة الإمارات في مرتبة متقدمة على جيرانها في المنطقة، لكنها تسجل فقط ثلث كثافة الفروع المصرفية في فرنسا. وعلى صعيد حسابات الودائع، تسجل دولة الإمارات نسباً مشابهة للمعدلات السائدة في الدول المجاورة، لكنها تسجل فقط نصف النسبة المسجلة في ماليزيا.
وخلال الملتقى المصرفي السنوي في منطقة الشرق الاوسط، الذي ينظمه اتحاد المصارف سنوياً، تم التركيز في أخر سنتين على تحديات واهمية الرقمنة والابتكار، كونهما يشكلان حافزاً أساسيا لتوجه الخدمات المصرفية في دول العالم نحو اتجاهين جديدين: أولهما نحو مواقع الخدمات المصرفية الاكترونية وتطبيقات الأجهزة الذكية، وثانياً إلى مزودي الخدمات المالية غير المصرفية. أما في دولة الإمارات، ما زال هناك رغبة لدى العملاء لإنجاز المعاملات المصرفية عبر فروع المصارف، لكن الطلب على توفير بعض الخدمات المصرفية عبر الوسائل الرقمية يشهد نمواً متزايداً.
وكل هذا يشير الى اهمية استمرار دولة الامارات بمواكبة التوجهات العالمية التي يشهدها القطاع المصرفي. وفي إطار جهودنا المتعلقة بتعزيز الشمول المالي، نعكف حالياً على إطلاق مشروع المحفظة الذكية، الذي سيتيح فرصة ادخار وتحويل الأموال عبر الأجهزة الذكية للأشخاص الذين لا يوجد لديهم حسابات مصرفية.
ويحرص "اتحاد مصارف الإمارات" على تشجيع الارتقاء بمستويات المعرفة المالية في سبيل تمكين عملاء المصارف من الحصول على فهم جيد للخيارات الصحيحة المتوفرة أمامهم وكيفية إدارة شؤونهم المالية على أكمل وجه. وتأكيداً على ذلك، يقوم اتحاد المصارف، وبشكل مستمر، بتشجيع جميع المصارف الأعضاء على توفير القدر الأقصى من التوجيهات والدعم للعملاء، لتمكينهم من اتخاذ القرارات المالية الصحيحة.