عند سماع مصطلح الشمول المالي، قد يتبادر لأذهان الكثيرين منا فكرة تقديم الخدمات المالية لمن هم أقل حظاً، إلا أنني اعتقد أن هذا التعبير يحمل في طياته اكثر من ذلك بكثير؛ سيما ان الاستقلال المالي للأفراد هو مؤشر للتقدم الاقتصادي للامم، ويرتبط بشكل مباشر مع تطلعات الدول وثرواتها الرئيسة.
ومن المتعارف عليه أن مفهوم الشمول المالي يتمثّل في تمكين ذوي الدخل المحدود الاستفادة من الخدمات المالية بتكلفة معقولة، ولذلك فإن توسعة دائرة المستفيدين من الخدمات المالية ستساهم في تمكين المجتمع ككل وتعزيز الاستقلال المالي للأفراد، بالإضافة إلى دعم القطاع المصرفي. ولذا فان أي مبادرة تساعد في تقليص الاعتماد على الديون وتعمل على تشجيع الادخار والاستقلال المالي تستحق التقدير.
ويعمل اتحاد مصارف الإمارات الذي يمثّل 50 مصرفاً عاملاً في الدولة، من خلال التنسيق مع كافة البنوك الأعضاء، على تمكين جميع أفراد المجتمع من التمتع بفرصة الاستفادة من كافة الخدمات المالية التي تقدمها البنوك، لتشمل أكبر شريحة ممكنة من العملاء، وذلك رغم التحديات التي تواجهها مثل تنوع التركيبة السكانية واختلاف مستويات التعليم والمعيشة.
وقد اتخذنا في دولة الإمارات خطى واسعة تجاه تحسين وتفعيل بيئة ملائمة للشمول المالي، فعلى سبيل المثال، يملك معظم الأفراد البالغين من العاملين في القطاعات الاقتصادية أكثر من حساب إيداع مصرفي واحد. ومع ذلك، يتحتّم علينا المضي قدماً في ابتكار وتحسين التقنية المطلوبة والتي من شأنها تحقيق الشمول المالي وتجنُب المخاطر الكامنة في خيارات التمويل المحتملة.وندعم وبكل إخلاص جميع المعايير التنظيمية والرقابية ذات الجودة العالية داخل المصارف في دولة الإمارات. كما نشجّع الابتكار والتقييم المستمر للتقنيات الجديدة التي تسهّل عملية الوصول إلى الخدمات المصرفية المميزة، كما نشجّع المنافسة بين المصارف إيماناً منّا بدعمها للشمول المالي الذي من شأنه تعزيز القدرة التنافسية للأمة بأسرها.
وتؤثر عوامل عدّة كالنزاهة والشفافية وسهولة الوصول على عملية تطبيق مبادرة كالشمول المالي، فمعظم الأفراد من ذوي الدخل المحدود يتواجدون في مناطق نائية في الدولة، مما يحد من قدرتهم على معرفة الخدمات المتاحة والاستفادة منها. ويعمل اتحاد مصارف الإمارات مع المصرف المركزي على تنفيذ مبادرة تمكّن جميع شرائح المجتمع من الحصول على الخدمات المالية من خلال الهواتف النقّالة. وأنا متحمس إزاء الجهود المبذولة من قبل المصارف الأعضاء في دولة الإمارات، حيث ان احتضان وتسخير التقنيات وإيجاد جيل يتمتع بوعي عالي في إدارة الشؤون المالية، يعني أن المصارف والمجتمع قادرين على العمل سويةً لتحقيق الشمول المالي في كافة أرجاء الدولة.
وترتكز كل النقاط التي ذكرناها اعلاه على الثقافة المالية وذلك من خلال توعية وتثقيف جيل الشباب بالشؤون المالية، ما يمكننا من تجنب المشاكل التي ظهرت في الآونة الأخيرة نتيجة الازمة العالمية. ويبقى الشمول المالي لكافة شرائح المجتمع داخل الدولة من اولويات البنوك حيث يقوم اتحاد المصارف بدور قيادي في هذا الاتجاه.
معالي عبدالعزيز الغرير، رئيس مجلس ادارة اتحاد مصارف الإمارات