معالي عبدالعزيز عبدالله الغرير، رئيس مجلس ادارة اتحاد مصارف الاماراتيلقي كلمة خلال ملتقى مؤسسة الإمارات للاستثمار المجتمعي
القى معالي عبدالعزيز عبدالله الغرير، رئيس مجلس ادارة اتحاد مصارف الامارات، كلمة خلالملتقى مؤسسة الإمارات للاستثمار المجتمعي في 23 مايو 2013 في ابوظبي، وتخلل الحفل اطلاق برنامج "إصرف صح" وهو البرنامج الأول في الإمارات على المستوى الوطني الذي يوحد جهود الهيئات والمؤسسات الراغبة في العمل نحو تنمية الثقافة المالية لدى الشباب. وقد أثبت هذا المنتدى في حلقته السادسة أنه يشكل منبرا قويا لمناقشة قضايا تخص الشباب الإماراتي وكيف يمكن لقطاع الأعمال أن يدعم تنمية هؤلاء الشباب.
وصرح معاليه خلال المنتدى: اليوم نحن نتحدث عن قضية ملحة جدا وهي كيف يمكننا أن نساعد شبابنا على إدارة أمورهم المالية بحكمة وعقلانية، علما أن الثقافة المالية والتي تعتبر عنصرا مهما وأساسيا في كيفية إدارة الشخص لشؤونه المالية، لا ترقى بعد إلى مستوى المعايير العالمية لدى الشباب الإماراتي. وقد اتخذت مؤسسة الإمارات على عاتقها تولي مهمة التحدي بجعل شبابنا واعين ومدركين لأهمية الإنضباط المالي لتفادي الوقوع في شرك الإقتراض المبالغ فيه، ولتخصيص ما يكسبون من أموال لغايات الإستثمار والإستهلاك المنتج. وإن تحدي إنشاء شعب مثقف ماليا هو أمر تتأثر به كل بلدان العالم.
وفي الوقت الذي كان فيه الإنهيار المالي العالمي عام 2008 نتيجة لعوامل معقدة ومتعددة الأوجه، فإن اللجوء للإقتراض المفرط والمبالغة في الإستفادة من القروض من قبل الأفراد كان مما لا شك فيه عاملا رئيسيا ساهم في ذلك الإنهيار. ونحن في دولة الإمارات لسنا محصنين ضد ظاهرة المبالغة في الإستفادة من الإقتراض. ولذلك نحن جميعا قلقون من تنامي الديون الشخصية بين المواطنين من الشباب الإماراتي ومن تأثير ذلك على نسيجنا الإجتماعي.
ونحن نشهد الآن في الإمارات توجها طويل الأمد من النمو المضطرد في القروض الشخصية. وتشير الأرقام الصادرة عن البنك المركزي الإماراتي إلى زيادة بنسبة 17.4 بالمائة في عمليات الإقراض الشخصي عام 2012 فقط وذلك لأغراض استهلاكية.
وأظهرت دراسة مسحية أجراها مرصد أحوال الأسرة الإماراتية العام الماضي أن 59 بالمائة من الأسر الإماراتية في أبوظبي تنفق 24 بالمائة من دخلها الشهري على القروض وقال 56 بالمائة من عينة الدراسة أن الغرض الرئيسي من قروضهم كان لتمويل سلع استلاكية كالسيارات والهواتف وما شابه ذلك. وهذه الأرقام تنذر بالخطر بشكل واضح وهي مؤشر على عدم توفر الفهم والوعي حول التعامل مع الشؤون المالية بوعي كاف.
وهناك الكثير جدا من شبابنا يغادرون المدرسة أو الجامعة وبالكاد لديهم المعرفة أو الفهم الأولي فقط حول إدارة الدين وكيفية الإستثمار من أجل المستقبل. ولذلك فهم يتعثرون لدى لما أول عقبة مالية أمامهم تقابلهم تجاه التعامل مع منتجات مركبة تتراوح ما بين البطاقات الإئتمانية ومنتجات اٍستثمارية ذات روافع مالية متطورة جدا. وبنفس القدر تراهم يقعون ضحية الإغراءات والضغوط من قبل أقرانهم للحصول على ممتلكات مادية تفوق مستويات دخولهم، وعندها يعلقون في حلقة معقدة من الديون لا نهاية لها.
وجميعنا يعلم أن توفير أدوات الائتمان يعتبر حاجة أساسية لنمو أي اقتصاد. لكن الائتمان السهل وسوء استخدامه يمكن أن يؤدي أيضا إلى تدهور اقتصادي كما رأيناه يحدث لمرات عديدة في أسواق مختلفة. وإن المفتاح الرئيسي للازدهار الاقتصادي يكمن في إدارة الائتمان بحكمة من أجل إيجاد قيمة بعيدة المدى.
وكمصرفيين، فإن مسؤولتينا أن نضمن أن عملاءنا يفهمون طبيعة منتجاتنا وخدماتنا وكيفية استخدامها لأغراض صحيحة. وإن من مصلحة البنوك أن نثقف عملائنا بخصوص ممارسات الإدارة المالية الحكيمة. كما يجب أن نمارس ضبط النفس وأن ننأى بأنفسنا عن ممارسات الإقراض المتهورة.
ويمكن للبنوك أن تلعب دورا رئيسيا في تعزيز الثقافة الكلية للإدخار والحصول على الدين لتحقيق قيمة وتكوين فهم واسع النطاق بالأمور المالية الشخصية. ومهما يكن، فإن هذا الجهد يجب أن يشمل كل الجهات المعنية في هذا المجال من الوالدين إلى المدارس والجامعات والبنوك والمؤسسات الحكومية وفوق ذلك كله الرغبة والمشاركة من جانب الشباب الإماراتي أنفسهم.
وإتحاد المصارف الإماراتية هو الآن بصدد صياغة ميثاق سلوك للمصارف يشمل قضايا مثل الإقراض المسؤول وثقافة العميل. ونتوقع الانتهاء من هذا الميثاق في غضون الأشهر القليلة القادمة. وبعد ذلك سنطلق حملة لتثقيف الناس حول هذه القضايا.
ونحن بحاجة لكل المؤسسات والمنظمات العاملة مع الشباب لتوحيد جهودها مع القطاع المالي للقيام بتحرك وطني لتحسين المعرفة المالية الجماعية. ولهذا السبب، أنا مسرور اليوم لرؤية مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب وهي تطلق رسميا برنامجها على المستوى الوطني حول الثقافة المالية بعنوان "إصرف صح". وهذا البرنامج هو نتاج عملية تطوير استغرقت عاما كاملا وجمعت بين القطاع الأكاديمي والقطاع المصرفي ومسؤولين من القطاعين الحكومي والخاص والعديد من المؤسسات والهيئات والشركات العالمية والمحلية المرموقة والعاملة في المجال المالي.
وسنعرف أكثر عن هذا البرنامج في الحوار بعد قليل. وأعتقد أنه سينجم عنه إسهام إيجابي ملموس وحقيقي لمجتمعنا، ويتطلب هذا منا عملا دؤوبا مستمرا لتحقيق تأثير إيجابي ودائم طويل الأمد وذو تأثير حقيقي على الشباب الإماراتي. وقد شاهدنا مبادرات متنوعة في السابق تسعى لنفس الهدف، لكنني أعتقد أن هذا البرنامج هو الأول من نوعه على الإطلاق على مستوى البلاد يوحد بين جهود كل المؤسسات المعنية بتعزيز المعرفة المالية في مختلف أنحاء البلاد.
وكلي أمل اليوم أن يتيح لكم هذا اللقاء الفرصة لتتعرفوا على المزيد حول هذا الموضوع بشكل عام وبرنامج المؤسسة بشكل خاص وان تساهمو في تقديم الدعم ا له.