رسم خبراء مصرفيون صورة متفائلة لمستقبل القطاع المصرفي في العام 2022، وسط توقعات بنمو وانتعاش قياسي، مستمد بشكل رئيسي من الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده الدولة منذ انعقاد «إكسبو دبي»، إضافة إلى خطط وإجراءات ومبادرات مصرف الإمارات المركزي المستمرة بهدف دعم التعافي المستمر للاقتصاد الوطني بعد جائحة «كوفيد 19».
وقال الخبراء لــــ«البيان الاقتصادي»، إن خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجّهة أثبتت فعاليتها في دعم النظام المالي والمصرفي، والذي بدوره انعكس على أداء الاقتصاد الوطني طوال فترة الجائحة، مشيرين إلى أن «المركزي» عمد أخيراً إلى تعديل خطة الدعم مع اكتساب التعافي الاقتصادي زخماً ملحوظاً، حيث تم استبدال التدابير المصممة لتقليل الآثار السلبية الفورية للجائحة، بتدابير موجّهة لدعم الانتعاش الاقتصادي، وهو ما سيسهم في تقديم مزيد من الدعم للقطاع المصرفي بما يزيد من صلابته ومتانته.
وتأتي توقعات الخبراء متوافقة مع بيانات وتوقعات المصرف المركزي الذي أكد على إيجابية مؤشرات السلامة المالية الكلية للجهاز المصرفي في الدولة، حيث تبقى المصارف محافظة على رسملة جيدة تفوق في مستوياتها المتطلبات والمعايير التنظيمية المحلية والعالمية.
نتائج إيجابية
وقال جمال صالح، مدير عام اتحاد مصارف الإمارات، إن القطاع المصرفي والمالي في الدولة واصل تحقيق نتائج إيجابية منذ بداية 2021 وحتى الآن، وهو ما يعتبر انعكاساً للنجاح الكبير الذي حققته الإمارات والجهود المبذولة لمواجهة الآثار الاقتصادية لجائحة «كوفيد 19»، وخصوصاً خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة التي أطلقها المصرف المركزي.
وأضاف أن المصارف الوطنية قطعت شوطاً كبيراً نحو التعافي الكلي، ويعود الفضل في ذلك إلى خطة الدعم التي قدمها المصرف المركزي، حيث بلغ إجمالي التسهيلات المقدمة 100 مليار درهم، فيما أعلن المركزي مؤخراً تمديد أجزاء أساسية من خطة الدعم حتى منتصف العام الجاري. وبموجب هذا التمديد، سيظل بإمكان المصارف والمؤسسات المالية الاستفادة من تسهيلات السيولة ذات التكلفة الصفرية المغطاة بضمان، البالغ قدرها 50 مليار درهم، حتى 30 يونيو القادم. وتوقع جمال استمرار المصارف في تسجيل نتائج إيجابية خلال 2022، مستفيدة بشكل أساسي من التأثيرات الإيجابية الكبيرة لمعرض إكسبو دبي على الاقتصاد.
وتابع: نتوقع أن تحافظ المصارف الإماراتية على زخم نموها خلال النصف الأول من 2022، مدفوعة بتحسن ظروف التشغيل وكفاءة التكلفة والطلب على الائتمان. ونعتقد أن القطاع سينمو بمعدلاتٍ قد تصل إلى ضعف النمو المتوقع للاقتصاد الإماراتي ككل بنهاية 2022.
نشاط اقتصادي
من جانبه، قال الخبير المصرفي أحمد يوسف، إن القطاع المصرفي سيواصل زخم النمو والانتعاش في 2022، مستمداً الدعم من حالة النشاط الاقتصادي التي تشهدها الدولة في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن القطاع نجح في الصمود خلال العامين الماضيين أمام التداعيات الناجمة عن الجائحة. وتؤكد المؤشرات الأخيرة الصادرة عن المركزي على إيجابية مؤشرات السلامة المالية الكلية للجهاز المصرفي في الدولة، ومحافظته على رسملة جيدة، تفوق في مستوياتها المتطلبات والمعايير التنظيمية المحلية والعالمية.
ولفت يوسف إلى أن ارتفاع إجمالي الأصول السائلة لدى البنوك إلى مستويات جيدة يشكل صمام أمان وحائط صد قوياً ضد أي تقلبات أو أزمات. كما شدد «المركزي» على أن النظام المصرفي في الدولة يحافظ بشكل عام على رسملة جيدة، لافتاً إلى أن تمديد المركزي الأخير لبعض التدابير في خطة التحفيز سيقدم مزيداً من الدعم للقطاع المصرفي في 2022، وبالتالي مزيد من الانتعاش للاقتصاد الوطني. وأوضح أن خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة نجحت منذ إطلاقها في تعزيز قدرة النظام المالي على دعم الأفراد والشركات المتأثرة بتداعيات الجائحة.
تعافٍ سريع
وقالت الخبيرة المصرفية عواطف الهرمودي، إن القطاع المصرفي في الدولة استطاع خلال العامين الصمود أمام التداعيات والتأثيرات الناجمة من جائحة «كوفيد 19». كما نجح في دعم التعافي السريع للاقتصاد الوطني من خلال خطة الدعم الاقتصادي التي أقرها المصرف المركزي وتم تمديدها أكثر من مرة.
وأكدت الدور الكبير الذي يلعبه القطاع المصرفي في دعم الاقتصاد الوطني، مشيرة إلى أن تمديد الأخير لحزمة الدعم سيعطي دفعة قوية للقطاع في 2022، وأيضاً تأثيراً إيجابياً بعيد المدى على مختلف القطاعات الداعمة للاقتصاد، مشيرة إلى أن القطاع المصرفي في الدولة يمتلك السيولة ورأس المال الكافي، وهو ما وضعه في مكانة جيدة للتغلب على أية تحديات مستقبلية.
وقالت الهرمودي إن التعافي السريع للقطاع المصرفي في 2021 يبشر باستمرار التقدم والنمو رغم ظروف ومستجدات الجائحة، مشيرة إلى أن المصرف المركزي يراقب عن كثب التطورات، ويتدخل بقرارات صائبة في الأوقات اللازمة، لا سيما أن الاستراتيجيات التي تم وضعها وتطبيقها قابلة للتغيير حسب المعطيات.
انتعاش قوي
وتوقع الخبير المصرفي أحمد عرفات، مزيداً من النشاط للقطاع المصرفي في العام 2022 مدعوماً بعدة عوامل رئيسية علي رأسها قوة الاقتصاد الوطني واستمرار فعاليات معرض إكسبو دبي، إضافة إلى خطط ومبادرات المصرف المركزي المستمرة، والتي تشمل خطة الدعم والتي أسهمت بشكل كبير منذ بدء تطبيقها في تقديم الدعم لآلاف العملاء من الشركات والمؤسسات وخصوصاً الصغيرة والمتوسطة وكذلك الأفراد وهو ما أسهم في تعزيز وضع القطاع المصرفي وأعطاه مزيداً من الصلابة لمواجهة تأثيرات وتداعيات الجائحة.
وأضاف عرفات: «إكسبو دبي» أسهم بشكل كبير في تعزيز النشاط والحراك في مختلف القطاعات الاقتصادية في الدولة، وكان محركاً رئيسياً لمزيد من النمو للقطاع المصرفي والذي نجح في الصمود والتعافي من تأثيرات الجائحة والعودة بقوة للانتعاش، موضحاً أن هناك الكثير من المؤشرات الإيجابية التي تبشر بالتفاؤل في العام الجديد وعلى رأسها عودة التمويلات لقطاعات السياحة والطيران، والتي كانت قد توقفت خلال أزمة الجائحة.
إكسبو دبي
واتفق مع الآراء السابقة، الخبير الاقتصادي علي الحمودي، متوقعاً أن يواصل القطاع المصرفي الانتعاش والنمو في العام الجديد، خصوصاً في الربع الأول مع استمرار فعاليات معرض «إكسبو دبي»، مشيراً إلى أن نتائج البنوك المدرجة في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي تبشر باستمرار الأداء القوي لعام 2021 بأكمله والمقرر الإعلان عنها خلال الأسابيع القادمة وأيضا الأداء خلال الربع الأول من 2022.
وأوضح الحمودي أن البداية الإيجابية للقطاع المصرفي في الربع الأول من المتوقع أن تستمر حتى نهاية العام الجاري مع وجود العديد من المحفزات إلى جانب المتابعة والمراقبة المستمرة من قبل المصرف المركزي، مشيراً إلى أن السياسة النقدية العالمية وخصوصاً بالنسبة للفيدرالي الأمريكي والتوقعات برفع الفائدة بوتيرة سريعة، ستكون ذات أثر إيجابي بشكل عام للقطاع المصرفي من حيث زيادة هوامش الربحية.
إحصاءات
ارتفع إجمالي الأصــول المصرفية شاملة القبولات المصرفية إلى 3295.8 مليار درهم، وإجمالي الائتمان المصرفي إلى 1788.3 مليار درهم بنهاية نوفمبر الماضي.
وبحسب إحصاءات «المركزي» ارتفعت استثمارات البنوك مع تجاوز رصيدها التراكمي حاجز 563 مليار درهم نهاية نوفمبر الماضي، لتواصل بذلك تسجيل مستويات هي الأعلى في تاريخها في مؤشر على توافر السيولة مع عودة النشاط الاقتصادي بقوة بعد انحسار تداعيات «كوفيد 19».