ناقش خبراء القطاع المصرفي المشاركون في فعاليات «الملتقى المصرفي في الشرق الأوسط» لعام 2018 والذي عقد أمس في دبي أبرز التحديات المستقبلية التي تواجه القطاع المصرفي مع التحولات الرقمية الهائلة التي كما تطرح الفرص تحمل الكثير من التحديات، وتهدد مستقبل وبقاء البنوك نفسها إن لم تنجح بتطورها وبابتكارها في الحفاظ على تنافسيتها مع بروز العديد من شركات الخدمات المالية العالمية التي يمكن أن تحل مكان البنوك في المستقبل كما يرى بعض الخبراء.
استضاف الملتقى، الذي أُقيم هذا العام تحت شعار «القطاع المصرفي بعد 10 سنوات من الآن»، مجموعة من الشخصيات المصرفية البارزة، تضمنت محمد يوسف الهاشل محافظ البنك المركزي الكويتي، وأولي رين، محافظ بنك فنلندا وعضو مجلس الحكم في البنك المركزي الأوروبي، وسيف هادف الشامسي مساعد محافظ مصرف الإمارات المركزي، وعبد العزيز الغرير، رئيس اتحاد مصارف الإمارات، وبريت كينج، صاحب الكتابين الأكثر مبيعاً «البنك 2.0» و«البنك 3.0» والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تقديم الخدمات المصرفية عبر الهاتف الجوال«Moven».
واستقطب الملتقى، الذي نظّمه اتحاد مصارف الإمارات بالتعاون مع «فاينانشال تايمز»، 24 متحدثاً بارزاً وما يزيد على 500 مشارك من 38 دولة، وتميز بالمستوى العالي للمشاركين من صناع القرار، وكبار المسؤولين التنفيذيين من البنوك، وشركات الخدمات المالية، وجهات عالمية منظمة للشؤون المالية، بالإضافة إلى عدد من الهيئات الحكومية، والشركات الاستشارية المرموقة، وشركات تكنولوجيا، وشركات المحاماة.
الدفع عبر الجوال
واستعرض بريت كينج، صاحب الكتابين الأكثر مبيعاً «البنك 2.0» و«البنك 3.0» والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تقديم الخدمات المصرفية عبر الهاتف الجوال «Moven»، أحد المتحدثين الرئيسيين في الملتقى، أهم التوجهات التي تساهم في تشكيل القطاع المصرفي على مدى السنوات العشر القادمة، بما في ذلك التأثير المستقبلي للمدفوعات عبر الهاتف الجوال، والنظم المصرفية المفتوحة، والروبوتات والذكاء الاصطناعي. كما أوضح كينج أهمية تبني البنوك التقليدية لعمليات تحديث، وإعادة النظر في نماذج الأعمال وسط التطور المتسارع للتقنيات الرقمية الحديثة، وزيادة المنافسة من المؤسسات غير المصرفية الجديدة، والتطور المتواصل لمتطلبات العملاء.
وتحدث أولي رين، محافظ بنك فنلندا وعضو مجلس الحكم في البنك المركزي الأوروبي، عن الفرص والتحديات المقبلة، مسلطاً الضوء على ما يمر به القطاع المالي من مرحلة تحول رئيسة مدفوعة بظهور التكنولوجيا الجديدة، وبالتالي من المهم إيجاد التوازن الصحيح بين القواعد التنظيمية والابتكار بما يمكّن المستهلكين والمصارف الاستفادة من الاحتمالات الجديدة.
اقتصاد أكثر استدامة
كما أجرى جميس كينج، محرر مجلة «ذا بانكر» لمنطقة الشرق الأوسط، حوار مباشر مع دانيال كلير، مدير الاستراتيجية والتمويل المستدام لمجموعة بنك إ«تش إس بي سي».
واستطلع كيلر الأسباب وراء الأهمية المتزايدة للتمويل المستدام، وكيف يمكن للمقرضين والمستثمرين المساهمة في الجهود المحلية والدولية الرامية إلى توفير اقتصاد عالمي أكثر استدامة من خلال دمج المبادئ البيئية والاجتماعية ومبادئ الحوكمة في صنع القرار. وأبرز كلير أن العديد من البنوك تقوم بدورها من خلال التركيز بشكل أكبر على التمويل المستدام من خلال الإقراض والاستثمار في الطاقة المتجددة، وفي الشركات التي تطور أو تستخدم تكنولوجيا ذات انبعاثات كربونية منخفضة.
حلقات نقاش
وضمت أجندة الملتقى أربع حلقات نقاش متنوعة، حيث شارك كل من أوتو وليامز، رئيس الشراكات الاستراتيجية للتقنيات المالية والمشاريع في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في فيزا؛ وفرانسيسكو سالسيدو نائب رئيس أول «اتصالات ديجيتال»، في جلسة النقاش الأولى بعنوان «تحديد استراتيجية ناجحة للخدمات المصرفية للأفراد في العصر الرقمي»، حيث أعطى كل من المتحدثين نظرة معمقة حول التغييرات في مجال الخدمات المصرفية للأفراد من خلال الدفعات الرقمية، وواجهات برمجة النظم المصرفية المفتوحة، والخدمات المصرفية عبر الهاتف المتحرك، وتحليلات البيانات، والعملات المشفرة، والبلوك تشين، والحوسبة السحابية، وأتمتة العمليات الآلية، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء.
وتمحورت جلسة الحوار حول تطوير وتنفيذ استراتيجية مستقبلية لتحويل التطور التكنولوجي إلى فرص حقيقة، وتجاوز التحديات الناجمة عن المنافسة المتنامية بفضل عدة عوامل شملت شركات التكنولوجيا والتقنية المالية، والتغييرات في ديموغرافية العملاء، ومعدل الفائدة الحالية، وتزايد شعبية المصارف الإسلامية.
الجريمة المالية
سلطت جلسة النقاش التي حملت عنوان «الجريمة المالية لا يمكن التخلص منها بالكامل ولكن يمكن احتواؤها»، والتي ضمت مجموعة من المتحدثين المرموقين، الضوء على الارتفاع المستمر في الجرائم المالية، مثل الاحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب والهجمات السيبرانية، وأكدت على أن البنوك يجب أن تكثف جهودها للحفاظ على أصولها وعملائها بمأمن من هذه التهديدات. وشدد المشاركون على أهمية تضافر الجهود وتبادل المعلومات لمكافحة الجرائم المالية.
أما جلسة حوار «الإصلاح التنظيمي المالي العالمي»، فقد ضمت كلاً من المتحدثين ديفيد بيرمان، شريك، النظام المالي في شركة «لاثام واتكنز»؛ ومارك كاراوان، رئيس قسم الامتثال، وعضو اللجنة التشغيلية في مجموعة سيتي؛ وأنتوني هابيس، المدير العالمي لإدارة العملاء، من «بي ان واي ملن»، حيث تحدث المشاركون عن الخطوة التالية لعمل البنوك مع اقتراب الانتهاء من برنامج الإصلاح التنظيمي الذي تم تقديمه في أعقاب الأزمة المالية العالمية.