"الملتقى المصرفي في منطقة الشرق الأوسط 2016" سلط الضوء على الارتقاء بخدمة العملاء كمحور رئيسي لهذا العام
بحضور نخبة من أبرز الخبراء والمسؤولين في القطاع المصرفي الأقليمي
الملتقى تناول عدد من الموضوعات الرئيسية أبرزها ارتفاع نفقات الامتثال للشروط التنظيمية والتداعيات الناجمة عن عمليات تقليل المخاطر
شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي اليوم، فعاليات الدورة السنوية الرابعة من "الملتقى المصرفي في منطقة الشرق الأوسط 2016"، والتي نظّمها اتحاد مصارف الإمارات تحت عنوان "تطوير التجربة المصرفية للعملاء". وسلط الملتقى الضوء على القضايا والتحديات التي يواجهها القطاع المصرفي في المنطقة بما في ذلك أثر تقليل المخاطر على البنوك والعملاء، والحاجة إلى توفير تطبيقات مصرفية قائمة على التكنولوجيا تلبي احتياجات كافة العملاء. وكما جمع الملتقى، الذي أُقيم في فندق سانت ريجيس على كورنيش أبوظبي، نخبة من أبرز الخبراء وصناع القرار في القطاع المالي والمصرفي في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط.
وركز الملتقى على النهج المصرفي الحديث خلال هذه الفترة التي تشهد تحولات جذرية، حيث تناول عدد من المتحدثين والمشاركين البارزين الرؤى والاستراتيجيات اللازمة لمعالجة التحديات التنظيمية بصورة أفضل إلى جانب تلبية توقعات العملاء المتغيرة، وذلك من خلال سلسلة من المناقشات المتعمقة وجلسات الحوار المباشرة والمقابلات الحصرية.
وألقى الكلمة الافتتاحية كلٌ من معالي مبارك راشد خميس المنصوري، محافظ مصرف الإمارات المركزي، ومعالي عبدالعزيز الغرير، رئيس اتحاد مصارف الإمارات. وعلى مدار نصف يوم، اعتلى عدد من أبرز الخبراء العالميين المنصة لبحث ومناقشة عدة موضوعات مهمة شملت تقليل المخاطر، وتطوير خدمة العملاء، والأمن السيبراني، ومنع الاحتيال، وقوة ومرونة الأعمال، وأثر تكنولوجيا الخدمات المالية.
وكما شملت قائمة المتحدثين الدوليين كلاً من "رون كوفمان" الاستشاري العالمي المتخصص في تحسين تجربة العملاء والحائز على العديد من الجوائز في هذا المجال، ومؤلف أحد الكتب الأكثر مبيعاً وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، ومؤسس شركة "UP! Your Service" للتدريب المتخصصة في خدمة العملاء؛ وماركوس تريتشر، الرئيس العالمي للحسابات الاستراتيجية في شركة "Ripple " والمدير المستقل لشركة "CHAPS Co"؛ وأجاي باديال، رئيس التأمين والخدمات الاستشارية في الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) في نيويورك؛ وريموند رامسديل، المدير الأول ورئيس التصنيفات المصرفية لمنطقة الخليج في مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني وغيرهم.
تواصل البنوك في أنحاء المنطقة مواجهة العديد من التحديات، إذ إن العبء المتنامي المترتب عن الضوابط التنظيمية العالمية دفع العديد من البنوك إلى تقليل المخاطر عن طريق تعليق أو خفض حجم أعمالها مع فئات معينة من العملاء؛ ما أسفر عن تداعيات خطيرة أثرت سلباً على تلك الفئات التي باتت غير قادرة على الحصول على الخدمات المالية. كما أدت التغيرات التنظيمية التي طرأت على إطار عمل السوق وإدارة المخاطر إلى التعديل الكامل للوسائل التي تتبعها البنوك لتحديد المخاطر ومكافحتها؛ وهو ما يضع أمام البنوك صعوبات مستمرة تتعلق بتطبيق تلك الوسائل.
واستعرضت جلسات المناقشة التحديات المتعلقة بتقليل المخاطر وأثرها المترتب على العملاء، كما قدمت منظوراً إقليمياً ودولياً حول الالتزام بالأطر التنظيمية
وألقى معالي مبارك راشد خميس المنصوري، محافظ مصرف الإمارات المركزي، كلمة افتتاحية تناول فيها المخاوف المتعلقة بتقليل المخاطر قائلاً: "نحن نرى أن لتقليل المخاطر أثرين بالغين على بنوك المنطقة، لاسيما فيما يتعلق بالخدمات المصرفية للبنوك المراسلة، وعلاقة البنوك بشركات الصرافة والشركات الصغيرة والمتوسطة".
وحول استراتيجية المصرف المركزي في الحد من المخاطر، أضاف المنصوري: "كهيئة تنظيمية قررنا أن نواجه العواقب غير المقصودة لعملية تقليل المخاطر من خلال مبادرتين رئيسيتين. تتمحور الأولى حول العمل مع اتحاد مصارف الإمارات على تقييم مستوى امتثال كافة البنوك الوطنية للمعايير، مع التركيز على البنوك الصغيرة. وهناك طرف ثالث مستقل يتمتع بالخبرة اللازمة يقوم بإجراء التقييم لتوجيه استراتيجيتنا نحو حل المشكلات التي يتم رصدها خلال تطبيق تلك المبادرة. فيما تتناول المبادرة الثانية التقييم الداخلي لمدى امتثال شركات الصرافة، وذلك باستخدام نهج ثابت يركز على المخاطر بما في ذلك تلك المتعلقة بالسمعة، وذلك من أجل اتخاذ القرارات الصائبة وفقاً لنتائج هذا التقييم".
وأكمل معالي المحافظ: "شكلت اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عدداً من اللجان الفرعية بهدف تعزيز قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بشكل عام، إلى جانب اللوائح والتظيمات التي تغطي كافة القطاعات الأخرى، بما في ذلك القطاع المالي".
وأعرب معاليه المنصوريفي كلمته عن بالغ ثقته وتقديره لدور الملتقى في الدفع لتطبيق استراتيجية الاتحاد وقال: "نحن على ثقة بأن هذا الملتقى سيمهد الطريق نحو المستقبل وسيستكمل جهودنا المشتركة، كهيئات تنظيمية ومؤسسات مالية وممثلين عن المجتمع الدولي".
وقال معالي عبدالعزيز الغرير: "يُقام الملتقى تحت عنوان ’تطوير التجربة المصرفية للعملاء‘، ويرتبط بشكل وثيق مع البيئة سريعة التغيُّر التي تواجهها البنوك حالياً حول العالم. ففي الوقت الذي تحاول فيه البنوك حماية أعمالها وتطويرها لتواكب النمو السريع الذي تشهده شركات تكنولوجيا الخدمات المالية وغيرها من المنافسين الذين لا يخضعون للأطر التنظيمية في القطاع من جهة، ازدادت التحديات التي تواجه البيئة التنظيمية من جهة أخرى،وارتفعت متطلبات السيولة ورأس المال بشكل كبير بعد تطبيق مقررات اتفاق بازل 3؛ وبالإضافة إلى ذلك، ساهم المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم 9 (IFRS)، وأنظمة مكافحة غسل الأموال، وقانون الامتثال الضريبي للحسابات الخارجية (FATCA)، في رفع كلفة العمليات التشغيلية في البنوك".
وأضاف الغرير: "لا يتوجب على البنوك الالتزام بالقوانين المحلية فحسب، وإنما أيضاً بالضوابط التنظيمية الدولية، حيث أن الخدمات المصرفية لا تنحصر بالتعاملات الداخليةفقط بل معظمها متصل بمعظم دول العالم. كما أن التطور السريع للتكنولوجيا، وخصوصاً في استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الآلية في مجال الأعمال، خلق ثورة في سُبل تفاعل العملاء مع نقاط التواصل والاتصال في المصارف، إذ يقوم العملاء اليوم بمقارنة تجربة حصولهم على المنتجات والخدمات المطلوبة بين مختلف مزودي الخدمة في القطاع، وهذا يضع البنوك تحت ضغط كبير للاستمرار بمقارنة وقياس مستوى جودة خدماتهم وتجربة عملاءهم مع القطاعات الأخرى".
وبحديثه عن القنوات المختلفة التي تستخدمها البنوك للتفاعل والاتصال مع عملائها، قال معالي الغرير: "بالمضي قُدماً، سيتوجب على البنوك استخدام نهج متعدد القنوات يتيح للعملاء فرصة اختيار القناة التي تناسبهم، بحيث تكون نوعية الاتصال والتفاعل عالية الجودة وعملية إنجاز الخدمة سهلة وملائمة، مهما اختلفت من واحدة لأخرى. وفي حال اختار العميل أكثر من وسيلة أو قناة إتصال، فيجب أن تكون تجربته على نفس المستوى من السهولة والسلاسة، سيما أن التكامل وتوفير نفس مستوى الخدمة عبر كافةالقنوات المتاحة سيساهم في الارتقاء بتجربة وخدمة العملاء.
وفي ختام كلمته، قال معالي الغرير: "إن اتحاد مصارف الإمارات على دراية تامة بهذه الظاهرات، وتعاوننا المستمر مع المصرف المركزي يدعم كافة المصارف الأعضاء بشكل مستمر للارتقاء إلى مستوى التحدي."
أختُتم الملتقى المصرفي في منطقة الشرق الأوسط، الحدث السنوي الذي يجمع 54 بنكاً من البنوك العاملة في الإمارات وعدد كبير من المصارف من المنطقة والذي شارك في رعايته تسعة من أهم المصارف في الدولة بالإضافة الى عدد من الشركات العالية المستوى التى تخدم القطاع المصرفي، باستقطاب أكثر من 400 من كبار المسؤولين والرؤساء التنفيذيين والخبراء من مؤسسات مصرفية رائدة في الدولة والمنطقة. وقد ـتخلل الحدث أيضاً تغطية شاملة من وسائل الاعلام الشريكة والتلفزيونات الراعية مثل"سي أن بي سي عربية" و "سكي نيوز عربية" وغيرها.