بقلم: معالي عبد العزيز الغرير*
تعد شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية، والتي أطلقت خدمة إصدار تقاريرها الائتمانية للأفراد رسمياً خلال شهر سبتمبر الماضي، ثمرة شهور عديدة من التخطيط والعمل الدؤوب من جمع البيانات القيّمة حول التاريخ الائتماني وسلوك السداد لكل فرد يمتلك حساباً مصرفياً لدى أحد المصارف العاملة في الدولة.
وقد لعب اتحاد مصارف الإمارات دوراً فعالاً في الإطلاق الناجح للشركة عبر فريق العمل الذي شكل من البنوك منذ البداية لذلك الغرض، سواءً من خلال تشجيع أعضائه على التعاون مع الشركة أو من خلال مناقشة وحل القضايا العالقة التي ظهرت مع قرب اكتمال المرحلة الأساسية الأولى من المشروع.
قد يعتقد البعض بأن وجود شركة متخصصة في توفير التقارير الائتمانية سيفيد المصارف فقط، لكن في الحقيقة فإن التقارير التي تقدمها الشركة ستعود بالفائدة على العملاء وكذلك الاقتصاد الوطني على حد سواء.بالطبع سيكون لدى المصارف، مع توفر التقارير الائتمانية، رؤية أكثر وضوحاً حول الجدارة الائتمانية للعملاءوسجلهم الائتماني،بحيث تصبح المصارف أكثر ثقة ومعرفة في تقييم المخاطر وتحديد مدى قدرة عملائها على الوفاء بالتزاماتهم المالية، وبالتالي اتخاذ قرارات الإقراض بشكل مدروس. كذلك بالنسبة للعملاء فمن شأن توفر تلك التقاريرأن يجعل من عملية الاقتراض أقل تكلفة على المدى الطويل، إذ سيتم تحديد معدلات أسعار الفائدة وفقاً للجدارة الائتمانية للعميل. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سينعكس كذلك إيجاباً على الاقتصاد الوطني من خلال تحسن جودة الأصول لدى المصارف ما يعمل على تحفيز المصارف على الإقراض للعملاء لتلبية احتياجاتهم وبالتالي تنشيط عجلة الاقتصاد.
وتبرز شركات المعلومات الائتمانية في المنطقة سيما في قطر والمملكة العربية السعودية كأفضل مثال عن الدور الإيجابي التي تلعبه في ضمان استقرار الاقتصاد. ففي قطر مثلاً، ساهم مركز قطر للمعلومات الائتمانية، الذي تم تأسيسه في العام 2011، في تعزيز متانة سوق الائتمان المحلي وإرساء الاستقراربعد بضع سنوات من التذبذب الذي بلغ ذروته مع تحديد سقف لمعدلالفائدة، ما ترك اثراً سلبياً على الإقراض المصرفي. وفي المملكة العربية السعودية، تم تأسيس شركة وطنية للمعلومات الائتمانية قبل 10 سنوات تقريباً، من أجل توفير منصة واحدة مشتركة للحصول على المعلومات الائتمانية ولتأخذ مكان العديد من شركات المعلومات الإئتمانية المستقلة التي كانت تدار من قبل أطراف مختلفة.
وتشير هذه الأمثلة أنه بعد مرور 18 شهراً في المتوسط، تبدأ التأثيرات الإيجابية لشركة المعلومات الائتمانية بالظهور على المستوى الاقتصادي. وفي بعض الحالات، يتوقع ان يكون لشركة المعلومات الائتمانية أثر قصير الأجل على مستوى الإقراض الشخصي، وقد ينطبق ذلك هنا في دولة الإمارات، سيما ذلك النوع من الإقراض الذي لا زال يستخدم حتى الآن كشكل من أشكال القروض المتجددة لتغطية ديون أخرى، والذي يعتبر خياراً غير مناسب لإدارة الالتزامات المالية بالصورة الصحيحة.
لقد لاحظنا بالفعل أن شركات المعلومات الائتمانية يمكن أن يكون لها في البداية تأثير على سلوك استخدام البطاقات الائتمانية (أو المغطاة)، إذ قد يقوم العملاء في بعض الحالات بدمج مجموعة من هذه البطاقات ضمن بطاقة واحدة أو اثنتين، الأمر الذي قد لا يصب في مصلحة المصارف بالضرورة، ولكنه سيعود بالمنفعة على العملاء بالتأكيد في حال كانوا يستخدمون عدة بطاقات لتمويل التزامات مالية طويلة الأمد، بأسعار فائدة عالية.
وأود الإشارة هنا إلى أن المصارف الأعضاء في اتحاد مصارف الإمارات قد بدأت التسجيللاستخدام البيانات المتوفرة لدى شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية، ونحن بدورنا نحثّهم على أن يشاركونا تجاربهم بعد استخدام هذه البيانات، كي نكون على اطلاع بأي قضايا قد تظهر، لنتعامل معها بسرعة وكفاءة عاليتين، وذلك بالتعاون والتنسيق مع شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية. ونحن واثقون أن أي تحديات قد نواجهها على المدى القريب، ستترجم إلى منافع للجميع على المدى الطويل.
* رئيس اتحاد مصارف الإمارات